السبت، 15 يوليو 2017

دور العمليات الإرهابية في تهديد الأمن القومي العربي

دور
العمليات الإرهابية في تهديد الأمن القومي العربي
دكتور فهد بن نايف الطريسي

لقد بتنا نعيش في عصر تزداد فيه الجريمة، وتتنوع أنماطها وأشكالها بازدياد انفلات الأفراد والجماعات، وابتعادهم عن القيم الدينية والاجتماعية والإنسانية، وفي مقدمة هذه الجرائم، الجرائم الإرهابية، تلك الجرائم التي عرفت منذ عصور سحيقة، ولكنها موجودة في وقتنا الحاضر بالشكل الذي يتناسب مع التطور والتقدم الذي صاحب هذا العصر.
ويعيش وطننا العربي في وقتنا الحاضر حالة من التوتر، وذلك في ضوء تزايد العمليات والجرائم الإرهابية التي تُرتكب من قبل جماعات وتنظيمات متسترة تحت الغطاء الديني، فقد تخلت هذه الجماعات عن دورها الرئيسي في الدعوة، واتجهت إلى الإرهاب لتحقيق أهدافها ومآربها الدنيوية، والتي لا تمت للدين الإسلامي بأية صلة.
ويأتي في مقدمة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في وطننا العربي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف باسم "داعش"، ففي 18 أغسطس من العام 2014، أصدرت مجموعة "إنتل سنتر" البحثية التي تُعنى بشؤون الإرهاب لائحتها الشهرية التي تعدد فيها أخطر 10 مجموعات إرهابية أو ثورية في العالم، حيث جاء تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" متصدراً اللائحة، حيث حصل على (769) نقطة
ومما لا شك فيه أن انتشار مثل هذه التنظيمات من شأنه أن يهدد الأمن القومي العربي، وذلك بالنظر إلى ما ترتكبه تلك التنظيمات من عمليات وجرائم إرهابية تؤثر سلباً على كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والثقافية، الأمر الذي يؤدي إلى تهديد أمن واستقرار الدول، ويعوق خطط التنمية، وفي النهاية تهديد السلم والأمن الدوليين، فضلاً عن زعزعة الاستقرار، وجلب حالة من الفوضى.
وفي ضوء تلك المعطيات يجب أن تدرك الدول العربية حقيقة في غاية الأهمية، هذه الحقيقة تتمثل في أن استمرار موجة الإرهاب والعنف اللذان تشهدهما منطقتنا العربية من شأنها أن تؤثر على استقرار وأمن المنطقة، وبالتالي تهديد الأمن القومي العربي لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن مفهوم الأمن القومي العربي مفهوماً شاملاً لم يعد يقتصر تهديده على وجود خطر عسكري خارجي، كما لا تتوقف حمايته على مجرد زيادة القدرات العسكرية للدولة، كما كان شائعاً في ظل النظرة التقليدية للأمن، بل أصبح جوهر الأمن القومي يتمثل في الاستقرار والنظام، ولا شك أن الإرهاب يقوض الاستقرار والنظام، وبالتالي فهو يمثل تهديداً صريحاً وصارخاً للأمن القومي العربي.
ولذا نحن نرى أن مستقبل الأمن القومي العربي مرهون بمدى قدرة الدول العربية على مواجهة العمليات الإرهابية، فلقد صار لزاماً على تلك الدول أن تتكاتف وتتحالف مع بعضها من أجل القضاء على بؤر الإرهاب، وكذلك القضاء على تلك التنظيمات التي تعمل على نشر الإرهاب في وطننا العربي من أجل تنفيذ أجندات خاصة بها.
كما لا ينبغي على أي دولة أن تدعي أو تزعم بأنها بعيدة عن الإرهاب، لأنها إذا لم تقف في وجهه سوف ينال منها يوماً، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن الإرهاب المنتشر الآن في الوطن العربي لا يهدف دولة بعينها، وإنما يستهدف الدول العربية كلها، ومن هنا يمكننا القول أن ظاهرة الإرهاب تقتضي مواجهة شاملة ليس على المستوي الوطني أو المحلي فحسب، وإنما أيضاً على المستوى الدولي.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق