السبت، 15 يوليو 2017

نقد لقاعدتي عزل المحبوس احتياطيا في نظام الإجراءات الجزائية الجديد


نقد لقاعدتي عزل المحبوس احتياطيا في نظام الإجراءات الجزائية الجديد


 نصت المادة (118) من نظام الإجراءات الجزائية الجديد على أنه:(لا يجوز لمدير السجن أو التوقيف أن يسمح لأحد رجال السلطة العامة بالاتصال بالموقوف إلا بإذن كتابي من المحقق ، وعليه أن يدون في السجل الخاص بذلك اسم الشخص الذي سمح له بذلك ووقت المقابلة وتاريخ الإذن ومضمونه).
كما نصت المادة (119) على أنه :( للمحقق -في كل الأحوال- أن يأمر بعدم اتصال المتهم بغيره من المسجونين ، أو الموقوفين ، وألا يزوره أحد لمدة لا تزيد على (ستين) يوما إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك ، دون الإخلال بحق المتهم في الإتصال بوكيله أو محاميه).
 والعزل هو ليس فقط تقييدا لحرية المتهم بل يتضمن منع أي شخص من الإختلاء بالمحبوس احتياطيا عدا محاميه ؛ وقد حددت المادتان المشار إليهما ثلاثة أنواع من العزل :
النوع الأول : العزل عن الاتصال برجال السلطة العامة . وقد يكون ذلك بغرض ألا يتعرض الموقوف إلى إغراء أو تهديد أو مساومة أو حتى الاستفادة من محسوبية من خلال اتصاله برجال السلطة العامة . والمقصود بالاتصال هو الإختلاء من جهة ، وأن يكون ذلك بشأن القضية محل التحقيق . ذلك أن مدير السجن نفسه رجل سلطة ، ومع ذلك تقتصر علاقته بالمحبوس احتياطيا على تلك العلاقة الإدارية التي بين مدير السجن والمسجونين . كما أن ذلك لا يمنع مدير السجن من الاتصال بالمحبوس لغرض إداري محض كفرض النظام داخل السجن ولكن يشترط ألا يكون له علاقة بالقضية محل التحقيق.
كما يشترط أن يكون اتصال رجل السلطة العامة بصفته كذلك أما إن حاول الإتصال بالمحبوس بشكل شخصي فإنه يخضع للمادة (119) ؛ كما لو كان أحد أقارب المحبوس. النوع الثاني : وهو عدم اتصال المحبوس بغيره من الموقوفين أو المسجونين ؛ وذلك لمدة لا تزيد عن ستين يوما إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك . وهذا يعني وضع الموقوف في العزل الإنفرادي . ونرى ضرورة تحفظنا على ذلك ؛ للآتي:
(1) أثبتت الدراسات العلمية أن الحبس الانفرادي الذي يتجاوز أسبوعا يؤدي إلى أضرار عقلية ونفسية بليغة .
(2) أن ذلك يتعارض مع ضرور أن يتم التحقيق دون وضع المقبوض عليه في حالة تؤثر على إرادته . فقد يضطر المحبوس إثر شعوره بالاقتراب من الجنون إلى أن يعترف على نفسه بجريمة لم يقترفها ليخرج من أزمته.
(3) أن هذا العزل يتعارض مع مبدا أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته والذي يعني عدم معاملته كمدان
(4) لا يمكن لمن لم تتم محاكمته وهو يتمتع بقرينة البراءة أن يكون في موقف أسوأ ممن حكم عليه بالإدانة ومع ذلك لا يتم عزله انفراديا إلا في حالات إستثنائية.
(5) أن مدة الستين يوما مدة طويلة وهي مع العزل تتضمن معنى العقاب الذي لم ينص عليه حكم قضائي . النوع الثالث: ألا يزوره أحد لمدة لا تزيد على الستين يوما ، إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك .
ونورد ذات النقد الموجه للنوع الثاني ، فكيف لأهل المحبوس أن يكونوا جاهلين بما يجري له داخل الحبس لمدة شهرين دون علم بأوضاعه النفسية والصحية ؛ و ألا يشكل ذلك أيضا عقوبة على أهل الموقوف وذويه

ونرى أنه حتى في الحالات ذات الخطورة الاجرامية العالية كحالات الإرهابيين ؛ لا يجب أن يكون العزل مطلقا هكذا ؛ بل يجب التلطيف من حدته بأن يجوز للمقبوض عليه الإتصال بذويه على أن يتم ذلك تحت سمع وبصر ورقابة إدارة السجن ؛ بحيث لا يتم استغلال اللقاءات في نقل رسائل مشفرة إلى الداخل أو الخارج أو للتأثير على سير التحقيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق