المجتمع وتطبيق القانون
أحيي الكاتب الصحفي والاديب حماد السالمي عن مقاله : جرائم
( متمردة ) .. يجب ان ( تتوقف )
والذي أغراني
بأن أسكب ما يجيش بصدري وعقلي على وريقات تساؤلاتي الملازمة لي أينما حللت خارج
الوطن كما يلازم الوطن قلبي دوما داخله أو خارجه ، ومن ضمنها قضية بانت لي من بين
مسافات أسطر المقال المشار إليه، ألا وهو : لماذا نتجاهل القانون في الداخل،
ولماذا نحترمه في الدول الأخرى ؟
ولإجابة هذا السؤال يجب أن نتناوله في بعدين أحدهما
قانوني ، والآخر إجتماعي:
أما البعد القانوني ان مشكلتنا ليست في سن القوانين والانظمة
المجرمة لسلوك المخالفات المرورية ولكن مشكلتنا هي الالتزام بتطبيق القانون وانزال
الجزاء على من يخالفة حيث نجد ان هناك مواد كثيرة من قانون المرور الصادر عام 1428
لازالت معطلة ولم تفعل ومثالها المادة السادسة والسبعون والتي نصت على: (يحدد لكل
مخالفة منصوص عليها في هذا النظام عدد معين من النقاط - بحسب خطورة المخالفة على
السلامة العامة - وتسجل هذه النقاط في سجل المخالف، وتسحب رخصة القيادة عند تجاوز
الحد الأعلى المسموح به من النقاط. وتحدد اللائحة القواعد والإجراءات اللازمة
لذلك، ومُدد سحب الرخصة(. اما المفعل من مواد النظام
فلاتجد من يطبيقها في ظل غياب كبير لرجال ضبط المخالفات فنجد ان المناطق ذات
الكثافة السكانية ؛ مثل الرياض وجدة والدمام ..الخ ، يكون عدد رجال المرور، غير
متناسباً مع الكثافة السكانية ، مما يدعوا الى الحاجة لمضاعفة رجال المرور
الميدانيين في هذه المناطق . وهنا نقترح تفعيل قانون المرور كاملا وتكثيف تواجد
رجال الضبط ومحاسبة من يتراخى في تطبيقه، ويعتبر التراخي في تطبيق القانون من
الجرائم السلبية. ومع ذلك فإن هذا البعد القانوني لا ينفصل كثيراً عن البعد
الاجتماعي الذي سنتناوله فيما يلي.
اما بعد الإجتماعي: طرحنا السؤالين المهمين : لماذا
نتجاهل القانون ، ولماذا نحترمه في الدول الأخرى ؟
هذا سؤال جوهري ؛ لأنه لا يتعلق فقط بجانب التطور
التاريخي لشعوبهم وشعوبنا ، بل يرتبط قبل كل شيء بالبناء الثقافي للمجتمع خلال
صيرورته. ويحدث في المناطق قليلة الكثافة تراخيا في تطبيق الأنظمة والقوانين وذلك
لعمق البعد الاجتماعي وتاثير العلائق الاجتماعية التي نمت اما لأسباب ان رجال
الضبط ينتمون الى نفس المناطق او بسبب قدم الإقامة ليكون الانحياز للعلاقات
الاجتماعية بدلا من الانحياز للأنظمة والقوانين.
ولذا نرى أن تقوم الجهات ذات الاختصاص بإعادة تدوير رجال
سلطة الضبط في تلك المناطق قليلة الكثافة لأن بقاءهم لفترات طويلة يخلق بينهم وبين
المجتمع ارتباطات كثيرة ، كما يجب ألا تزيد نسبة العاملين من أبناء المنطقة عن 25%
من نسبة رجال السلطة ، وهذا ما كان عليه العمل سابقاً ثم بدأ التراجع عن تطبيقه
شيئاً فشيئاً. كذلك ان تتضافر الجهود في الجانب الإعلامي والثقافي والتعليمي لنشر
الوعي القانوني لدى افراد المجتمع وكذلك رجال الضبط.
د.فهد بن نايف الطريسي
أستاذ
القانون بجامعة الطائف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق