الخميس، 24 مايو 2018

التحالف دعما للشرعية وحماية الأمن الدولي



التحالف دعما للشرعية وحماية الأمن الدولي

كما ان للسلام قوة يجب ان تحميه كذلك الامل يتحقق بالحزم بداية واستمرار. بداية نشكر لجامعة الطائف سعيها المحمود مقرونا بالتقدير لمعالي مدير الجامعة، في تسليط الضوء على حدث يعتبر الأهم في وقتنا الراهن من النواحي التاريخية والإنسانية والقانونية. ويطيب لي من هذا المنبر اتناول الجوانب القانونية التي يحدونا فيها الامل في تلمس طاقات من النور، وقد اجتاز اليمن نفقا معتما من تاريخه السياسي والإنساني.  

أولاً: جهود المملكة العربية السعودية في استقرار الجمهورية اليمنية
سعت المملكة العربية السعودية منذ عقود طويلة ومازالت تبذل جهوداً كبيرة لضمان استقرار اليمن على الصعيدين السياسي والاقتصادي لتحقيق ما يتطلع إليه الشعب اليمني الشقيق من الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة في جميع نواحي الحياة فالمملكة واليمن يرتبطان معا بروابط وثيقة ومتميزة تتثمل في وحدة الدين واللغة والثقافة والتاريخ والجوار الجغرافي والتقارب الاجتماعي.

ثانياً: السلطة الشرعية في الجمهورية اليمنية
مفهوم الشرعية يدور حول الأسس التي على أساسها يتقبل افراد المجتمع النظام السياسي ويخضع له طواعية.00

اذن الشعب هو مصدر السلطات فهو الذي يضع القانون ويخضع له ايضا، ويسمى هذا الخضوع الكامل حكاما ومحكومين بمبدأ المشروعية. لذا فالسلطة الحاكمة لابد ان تأتي من خلال رضاء وقبول شعبي داخليا بالإضافة الى الاقرار والاعتراف من قبل المجتمع الدولي   بقانونية وشرعية النظام الحاكم لهذه الدولة. وهذا ما حدث بالضبط في الجمهورية اليمنية اذ سقط نظام علي عبد الله صالح ثم تمت عملية انتخابية نزيهة فاز على اثرها عبد ربه منصور هادي برئاسة الدولة عام 2012م ،  وحاز بقبول شعبي ووطني من كل اطياف المجتمع اليمني كما رحبت كل دول العالم بنتائج تلك الانتخابات واختيار الشعب اليمني. اذ تم  دعم السلطة الشرعية من كل الدول المحورية في العالم بما فيهم المملكة العربية السعودي. كذلك اعترفت وقبلت كافة المنظمات والهيئات الدولية بنتائج تلك الانتخابات ومنها الامم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي.

ثالثاً: شرعية عاصفة الحزم وتحالف دعم الشرعية
تستند شرعية التدخل في اليمن الى جوانب قانونية تتمثل في التالي:
1)   تلبية طلب السلطة الشرعية بعد انقلاب ميلشيا الحوثي عليها
حيث قامت مليشيا الحوثي بالانقلاب على السلطة الشرعية في اليمن، باحتلال العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 ثم طرد الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي في مارس 2015. والذي تقدم بدوره بطلب لدول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية يناشدهم بالتدخل العسكري لحماية اليمن من عدوان الحوثيين وحماية الشرعية والشعب.
 وتلبية لذلك أطلقت المملكة اولى عمليات عاصفة الحزم 26 مارس 2014
2)   حق المملكة في الدفاع الشرعي عن شعبها وارضها وجيشها
لم تكتفي مليشيات الحوثي بالانقلاب على السلطة الشرعية في اليمن اذا قامت وبمعانة دولة ايران بالتعرض للجيش السعودي والاراضي السعودية مما يوجب علي المملكة العربية السعودية استخدام حقها في الدفاع الشرعي عن شعبها وجيشها وارضها. مستندة الى ما نصت   عليه المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة بان " لكل دول العالم ان تمارس حقها الطبيعي، في الدفاع عن نفسها إذا اعتدت قوة مسلحة عليها وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس وتبلغ إلى المجلس فورا (وهو ما تم في حالة الانقلاب على السلطة الشرعية في اليمن) ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما لمجلس الامن - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه.

3)    التهديد بقطع الملاحة بمضيق باب المندب
أن حماية الممرات المائية مسؤولية دولية بحسب القانون الدولي، ولا يحق لأي قوة أو دولة أن توقف أو تمنع الاستفادة منها. فالمستفيد من هذه الممرات كل الدول وليس دولة بعينها. هذا ويعد باب المندب ممر مائي استراتيجي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، وأمنه ليس قضية هامشية، بل من صميم الأمن العالمي. لذا فمجرد تهديد مليشيا الحوثي باستهداف الملاحة الدولية عبر باب المندب أو خليج عدن يعتبر تهديد صارخ للتجارة الدولية ويشكل مخالفة لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 واتفاقية منظمة التجارة العالمية لسنة 1995 ويشكل انتهاكا للقانون الدولي وانتهاكا لمبدأ حرية الملاحة البحرية. وهو ما يستوجب تدخل كل الدول الفاعلة والمنظمات الدولية. وبالفعل حذرت الأمم المتحدة، مليشيات الحوثي من قطع خطوط الملاحة في البحر الأحمر، كما صدرت نفس التحذيرات من الولايات المتحدة وبعض الدول الاروبية ودول المنطقة
رابعاً: شرعية التدخل في المواثيق والقرارات الدولية
 ميثاق جامعة الدول العربية
استندت شرعية التدخل في اليمن الى أحكام المادة السادسة من ميثاق جامعة الدول العربية والمادة الثانية من معاهدة الدفاع العربي المشترك الموقعة سنة 1951م
ميثاق الأمم المتحدة في مادته 51 والتي تم تناولها في حق الدفاع الشرعي.

 قرار مجلس الامن رقم 2051 لسنة 2012 بشأن اليمن
وملخص القرار ان مجلس الأمن يعرب عن قلقه الشديد على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والإنساني في اليمن. ويعيد تأكيد التزامه بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله السياسي وسلامته الإقليمية.
ويدعم اتفاق الانتقال السياسي بموجب المبادرة الخليجية بما في ذلك اقتراح المملكة العربية السعودية باستضافة مؤتمر مانحين في اواخر يونيو 2012.
ويشدد على ضرورة تقدم تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتجنب تفاقم تدهور الوضع الإنساني والأمني في اليمن الذي يهدد السلم والأمن في المنطقة.
ويعرب عن قلقه البالغ بشأن الوضع الأمني والهجمات الإرهابية المتكررة، بما فيها تلك التي ترتكبها القاعدة في الجزيرة العربية داخل اليمن.
ويرحب بتركيز حكومة الوحدة الوطنية على الاستقرار الاقتصادي القصير المدى من خلال تنفيذ برنامج التسهيل الائتماني السريع مع صندوق النقد الدولي.

 قرار مجلس الامن رقم 2216 الصادر في 14 إبريل عام 2015
 وملخص القرار، فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، طالت زعيم الحوثيين ، وبعض القيادات الانقلابية، المتهمين بـ"تقويض السلام والأمن والاستقرار" في اليمن.
كما اشتمل على حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية لميليشيا الحوثي وطالب القرار الدول المجاورة بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن في حال وجود اشتباه بوجود أسلحة.
وطالب ميليشيا الحوثي بوقف القتال وسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها بما في ذلك صنعاء. ويدعو القرار جميع الأطراف اليمنية إلى المشاركة في المؤتمر الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي.

خامساً: جرائم الميليشيا الحوثية والعقوبات الجزائية في القانون اليمني
فقد قامت الميليشيات الحوثية بمهاجمة العاصمة السياسية للدولة، واحتلال مقدراتها العامة، والاعتداء علي مؤسسات الدولة وتعطيلها والشروع في قتل رئيس الجمهورية، ذلك غير جرائم الاتلاف العمدي والسرقة والاستيلاء الاموال العامة والعمل لمصلحة دولة اجنبية بما يضر مصالح الدولة وتعد تلك الافعال  جرائم يعاقب عليها القانون بالإعدام تعزيراً لكل من ارتكب الجريمة او شرع في ارتكابها او حرض أو شارك في ارتكابها بحسب المادة 128 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني، المتعلقة بجرائم خيانة الوطن، والاتصال غير المشروع بدولة أجنبية.
كما قامت الميليشيا الحوثية برفع السلاح في وجه السلطة الشرعية للبلاد والتمرد عليها بقوة السلاح ونتج عن هذا استشهاد الاف المواطنين وهو ما يستوجب معاقبتهم بالإعدام تطبيقا للمادتين 132 ، 133 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني.
ووفقا لقانون الإجراءات الجزائية اليمني، يجب توقيف اعضاء ميلشيات الحوثي وكل من يتعاون معهم والتحقيق معهم بمعرفة النيابة الجزائية المتخصصة، واحالتهم للمحكمة الجزائية المتخصصة.

سادساً- العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية علاقة وثيقة ولم تتاخر المملكة في أي وقت عن جارتها ولن تتركها لمختطفيها وننتهي الى بعض الملاحظات:
1- ميلشيات الحوثي ليسوا وحدهم المسئولين قانونياً عن تعطيل الشرعية الدستورية في اليمن لكن يتحمل الجزء الاكبر من المسئولية القابعين في ايران وقطر فقد ثبت اشتراكهم الفعلي في تلك الجرائم كما وفروا المساعد والتخطيط والتحريض لميلشيات الحوثي.
2- توثيق كل الجرائم والانتهاكات المرتكبة من ميلشيات الحوثي واعوانهم من الايرانيين في حق المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية لمحاسبتهم سواء امام المحاكم الوطنية او الدولية.
3- عمل حصر لكافة الاضرار المادية والمعنوية التي طالت المملكة العربية السعودية ومواطنيها والجمهورية اليمنية ومواطنيها تمهيدا للمطالبة بالتعويضات المستحقة قانوناً سواء امام المحاكم الوطنية او الدولية.

ختاما: من هنا كان من الضروري رصد الحصاد الذي قدمته المملكة من بداية الحزم اوصلا لإعادة الامل في الجوانب القانونية.
ولعلني أتقدم لجامعتي جامعة الطائف بإقتراح انشاء مركز متخصص في العديد من المجالات سواء الإعلامية او القانونية او السياسية ليكون لها دور في الذود عن الوطن بالارتكاز على الدارسات والأبحاث المعمقة والاصيلة، فاليوم الاعلام له دور كبير ومهم في هذا الجانب، خاصة اذا كان قائما على المنهج والتحليل العلمي.

                                             د. فهد بن نايف الطريسي
                                                      أستاذ القانون المشارك




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق