الأحد، 17 مايو 2020

اليوم الوطني . . وتأملات في القانون

ا
لى الراية الخضراء تهفو قلوبنا

لنا معمعانٌ حولها وتدافعُ

نلتقي باليوم الوطني والدولة تعمل باضطراد على توسيع نطاق المؤسسية عبر سن الأنظمة. وخلال السنة الماضية فقط شاهدنا عشرات الأنظمة التي تنقلنا من النظرة الكلاسيكية (أي الشخصية)، إلى فكرة المراكز القانونية.

ماذا نعني بدولة المؤسسات؟

إن أي علاقة مضطردة بين شيئين أو عدة أشياء هي علاقة منظوميه. ومن هنا ينطلق الفقه الحديث نحو التأكيد على ضرورة ترسيخ هذه المنظومة أولا: عبر آلية القانون. وثانيا عبر آلية الإدارة.

يمثل القانون الضابط الأعلى للتفاعلات الداخلية للمنظومة أي التفاعل بين وحداتها. ثم الضابط لتفاعلاتها الخارجية أي مع باقي المؤسسات لتعظيم الانتاجية القصوى للمشروع (دولة وسلطات، سلطات وسلطات، سلطات وشعب ثم أخير الدولة والمجتمع الدولي).. وخلاصة النتيجة يجب أن تصب في المصلحة العامة.

وتعتبر أنظمة التجارة والاقتصاد من أقوى الأنظمة في محيطنا الإقليمي، خاصة وأن التجارة هي عصب الحياة الإنسانية والتي كلما ازدهرت معها المعارف والعلوم والفنون ومن ثم ارتفع سقف الوعي الإنسانية.

وفي ظل رؤية 2030 والاتجاه لتنفيذ خارطتها؛ سنرى أيضا كيف أن هناك قضايا قديمة تتعلق بالحريات قد وضعت خلف التاريخ.

دعونا فقط نقارن وضع التحرش الذي كانت تتعرض له المرأة قبل قانون مكافحة جريمة التحرش، وحالها اليوم وهي تتنقل آمنة مطمئنة والدولة تحيطها بالحماية اللازمة. هذا تقدم سريع ومهول جدا كان حلم تحقق في لمح البصر. دعونا نلقي نظرة فقط على فقرة (داخل) مادة لنتبين كيف أن هذا القانون قفز قفزات واسعة نحو تحقيق الأمن والسلم الاجتماعي للمرأة. فقد نصت المادة الرابعة في فقرتها الثانية على أنه لا يجوز الإفصاح عن هوية المجني عليه، إلا في الحالات التي تستلزمها إجراءات الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة.

وهذه حماية تكشف عن التوجه نحو المبادئ الحديثة للعدالة الجنائية والتي تهتم بالضحية مثلما تهتم بالتجريم والعقاب. أصبح بإمكان المجني عليه التوجه والتبليغ عن الجريمة وهو يعلم أنه لن يتعرض لتشويه السمعة عبر الدعوى الجنائية والتي كانت تحول بينه وبين المطالبة بمعاقبة الجناة مما يفضي ليس فقط إلى إفلات متهم من العقاب بل فوق هذا وضع أبرياء جدد تحت تهديد المجرم.

 يعتبر هذا القانون من المكتسبات التي يجب أن نعترف بأنها تحقق لأسرنا (نساء وأطفال ومعاقين وعجزة) الأمن الذي يطلبه كل زوج وأب وأم. وانطلقت القوة التنظيمية المواكبة للتحولات الانسانية الكبرى في مجال حقوق الإنسان وخاصة إخراج المرأة من عباءة التبعية والاتكالية على الرجل لتنخرط كأداة فاعلة في المجتمع أستاذة في المدرسة طبيبة، صحفية، عالمة، وربة منزل. ربما علينا أن ننوه المرأة الى أن الحرية عبء كبير على الإنسان ذكرا كان أم أنثى، وأن عليها أن تستعد لمرحلة قادمة صعبة تحافظ فيها على مكتسباتها الراهنة عبر العمل الجاد والدؤوب للمشاركة العامة. إن كينونة المرأة أصبحت مصونة اليوم بفضل الأنظمة الحديثة التي أقرت لها حق التنقل، المحمي بنظام الحكم الأساسي والذي يعني وفقا للقانون المقارن الدستور الذي يصبغ حمايته على كافة حقوق الأفراد. لم يتوقف التطور القانوني على مسائل التجارة والصناعة وعالم المال والأعمال، بل ولا حقوق الانسان بل نحن فوق هذا ننتظر سن قانون مكافحة التمييز وبث الكراهية والذي سيؤدي إلى إفشاء السلم الاجتماعي ودحر كل محاولات الاعداء في استغلال أقل الثغرات للنفاذ عبرها لتهديد الأمن الوطني.

إننا نتجه نحو تعزيز مؤسسية الدولة؛ والأمل معقود على قيادتنا الحكيمة لتمضي بنا على ذات النسق قدما.

نبارك للشعب يومنا الوطني وندعو لولاة الأمر بالتوفيق والسداد.

والحمد لله من قبل ومن بعد.

د. فهد بن نايف الطريسي

أستاذ القانون المشارك بجامعة الطائف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق