السبت، 15 يوليو 2017

المملكة العربية السعودية أمجاد الماضي وفخر الحاضر وتحديات المستقبل

المملكة العربية السعودية
أمجاد الماضي وفخر الحاضر وتحديات المستقبل
23 سيبتمبر 2013

إليكم ملوك الشرق كم عن مقالة *** ثناني حيائي والوفاء دعاني
ضَمِنْتُ بكم مجد العروبة خالداً *** على كرِّ دهر واختلاف زمانِ
"الشاعر على محمود طه ؛ في صباح اليوم العاشر من شهر يناير 1946، حين احتفلت مصر باستقبال العاهل العربي حضرة صاحب الفخامة جلالة الملك عبد العزيز آل سعود ".

ما سعت المملكة يوماً إلى مجدٍ زائف ، لا ولم تبلغ ما بلغته اصطناعاً وادعاءً ، إنما بلغته باتباع حكمة قادتها السياسية ، ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً . وما كان ذلك إلا اصطفاء من الله لا يبلغه إلا من نصرَ اللهَ فنصرهُ اللهُ ، معليِّاً من كلمة الحق والعدل وراية العز راية الإسلام.
ثم إن الله سبحانه وتعالى ؛ قد جمع أهل هذا البلد ، ولم يلبسهم شيعاً فتنة من لدنه ، بل وحَّدَهُمْ على قلب رجل واحد هو جلالة الملك رحمه الله وأرضاه ، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته ، وأسكنه فسيح جناته .
بعد ذاك انطلقت المملكة إلى عصر الحداثة ؛ ومنذ مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين ، والمملكة تثب وثبات الواثق بالله تعالى ، فلم تتخاذل المملكة يوماً في دعم وحدة وأمن دول مجلس التعاون الخليجي ، وأشقائها العرب ، ولم تك تسعى من ذلك إلى الأضواء الكاذبة ، بل كانت تنطلق في سياستها من مبادئها وإيمانها الراسخ وعزمها الذي لا يلين. ولم تحاول المملكة الإلتفاف على القضايا المصيرية لأمتها لتتجاوز مسئولياتها التاريخية كقائدة سياسية واقتصادية.
إن المملكة لم يصنعها إعلام موجه زائف ، ولا مال يُغدق ، ولا تنطع نرجسي ، بل صنعتها مواقف وقناعات ، ومبادئ ، وقبل كل شيء إرادةُ الله سبحانه وتعالى ، هو الذي أعزَّها فأطعمها من جوع وآمنها من خوف ، وَمَنْ حولها مَنْ تتخطفهم الفتن . وإن الله لذو فضلٍ على النَّاس ولكن أكثر النَّاس لا يشكرون.
المملكة كدولة حديثة:
ربما يعتقد البعض أن معيار حداثة الدول هو نمطها الإقتصادي فقط ، لا سيما القطاع الصناعي، إلا أن الحقيقة ليست كذلك بالضبط ، إن الدولة الحديثة هي تلك الدولة التي تتأسس فيها الحقوق والواجبات على أنظمة متطورة ، تسبغ حمايتها على الجميع بمساواة وعدل. لقد انطلقت عملية التحديث في المملكة ببناء الأرضية النظامية لها. في كافة فروع الأنظمة ، كـأنظمة الإعلام والثقافة والنشر ، وأنظمة الأمن الداخلي ، والأحوال المدنية والأنظمة الجزائية ، وأنظمة التجارة والإقتصاد والإستثمار ، وأنظمة التعليم والعلوم ، وأنظمة الخدمات البلدية والتخطيط والتطوير الحضري ، وأنظمة الخدمة العسكرية والمدنية، والزراعة والمياه والثروات ، والسياحة والآثار ...الخ. مما يصعب حصره في هذه السانحة. ولكننا نشير إلى أهم منطلقات التحديث النظامي بثلاث أنظمة رئيسية هي : النظام الأساسي للحكم ، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق .
مجمل القول أن بنية الدولة الحديثة قد وضعت ؛ وعاماً بعد عام ، وعقداً تلو عقد ، ترسخت هذه البنية وأخذت تفاعلها الذاتي حكومياً وشعبياً ، وكرَّست لدولة المؤسسات.
ربما يعتقد البعض أن هذا الأمر سهل ، ولكنني - كخبير قانوني- أقول لكم وبملء فمي ؛ أنَّ هناك العديد من الدول لم تزل تعاني من ضعف هذه البنية الأساسية ، فالبناء النظامي للدولة يحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى إرادة سياسية ، مخلصة ، وحريصة على مصلحة الوطن ، وأن تمتلك إيماناً عميقاً بأهمية الأنظمة في تنظيم المراكز القانونية والواقعية المختلفة داخل الدولة. وبعد ذلك فإن البناء يحتاج إلى حفز كل الجهود والطاقات وتذليل كل العقبات أمام الفقهاء والعلماء ؛ لبدء عملهم بمنهجية متينة.
وإذا كان ما سبق هو البناء النظامي لمؤسسات الدولة ؛ فإن المملكة كانت من الدول العربية السبَّاقة في مجال حماية حقوق الإنسان ، فقد انضمت إلى إتفاقية مناهضة التعذيب ، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، والإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ، وجميع إتفاقيات وبروتوكولات حماية الطفل.
حافظت المملكة  على تعهداتها الإقليمية التاريخية ؛ وكانت المصلحة الوطنية هي المحرك الأساسي في سياستها الخارجية  ، وكانت القضايا المصيرية المشتركة مع أشقائها في دولمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ؛ هي الثابت الذي لا يتحول ، والذي لم تحاول المملكة أن تتاجر به ، فقضايا الأمة لا تقبل التنازل ولا التهاون ولا المتاجرة ، ولم تتزحزح المملكة عن مواقفها تجاه القضايا العربية والإسلامية.
وإذا كان ما سبق ينصب في قضايا وطنية وإقليمية ، إلا أن الأدوار الدولية التي لعبتها المملكة كانت محل احترام وتقدير وإشادة من كل أطراف المجتمع الدولي. كانت المملكة هي السباقة في دعم دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب ، والجريمة المنظمة ، وغسل الأموال ... وغير ذلك . وما ذلك رغبة منها في الظهور ، أو مجرد لعب دور يسلط عليها الأضواء ، لا .. بل كانت المملكة تدرك ما عليها من واجبات والتزامات تجاه المجتمع الدولي ، وأن العالم الذي يتعولم لا يتأثر وحده بقضاياه ، بل تتداعى آثار ذلك على كافة الدول وصولاً إلى المملكة – إن العالم بالنسبة للمملكة إذاً- هو العمق الإستراتيجي لأمنها القومي . وتأمين هذاالعمق هو تأمين لها أيضاً.
هكذا اتسمت سياسات المملكة بالهدوء والتركيز والثبات ، فلم تنجرف وراء طيش بيِّنٍ أو هوى جامحٍ أو نزوة عابرة أو أحلام دونكيشوتية.
إن الحديث عن المملكة يطول بعمقها التاريخي والحضاري ؛ وإننا إذ نطرح كل ما سبق إنما نطرحه لنؤكد على ثقتنا في قيادتنا نحو المستقبل ومجابهة التحديات ، ومؤكدين على تجديد العهد والبيعة على أن ندافع عن دولتنا ملكاً وشعباً حتى آخر قطرة من دمائنا . مؤمنين بأن الله ينصر من ينصره.
حفظ الله المملكة مليكاً وشعباً. وجعل لنا بمليكنا ذخراً وفخراً ومعيناً لنا في أمور ديننا ودنيانا.
د. فهد بن نايف الطريسي

وكيل عمادة السنة التحضيرية – جامعة الطائف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق