الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

اليوم الوطني.. ورؤية تتحقق

اليوم الوطني.. ورؤية تتحقق

د.فهد بن نايف الطريسي
ما يحدث اليوم سيتم تسجيله عبر تاريخنا الوطني ؛ اليوم تتبدى على الأفق ملامح الانطلاق نحو المستقبل بخطى وثابة ؛ وبأجنحة الأمل والعمل نعلوا على أحلامنا واعدائنا ، على أحلامنا لأن سقف التقدم أعلى منها وعلى أعدائنا لأن الانكباب على تحقيق الهدف تصغر به مكائد الأعداء ودسائسهم ومؤامراتهم.

إن عاصفة الحزم لم تكن هناك  في الجنوب فقط  بل في كل أطراف الوطن وهي سعودية عربية رغم أنف الأعداء ؛ عاصفة الحزم هي موقف تقدمي وانتباه لما لحضارتنا وإرثنا وثقافتنا بحمولتها الدينية و الأدبية والمادية والأخلاقية و التاريخية الكبرى.

إن كان العدو يطمح في محو ثقافتنا وهويتنا ؛ تحقيقا لأوهام الشعوبية الفارسية البائدة التي اجترحها أسلافه فهو واهم.

وعاصفة الحزم التي لم يمض عليها حين من الدهر قد أوضحت للعدو بجلاء محنة ما كسبت يداه وليست ذي قار ببعيد ؛ فلنا فيؤهم أخماسا مخمسة ولنا الصدر دون العالمين أو القبر.

وانتباه المملكة قيادة نافذة متبصرة مستبصرة لما يحاك من دوائر التآمر هو انتباه الحليم غير الغافل والصبور غير المستهين ، والعارف قدر نفسه بغير توهم.

هلا سألت الخيل يا ابنة مالك
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

إذ لا أزال على رحالة سابح
نهدٍ تعاوره الكماة مكلم

طورا يجرد للطعان وتارة
يأوي إلى حصد القصي عرمرم

يخبرك من شهد الوقيعة أنني
أغشى الوغى وأعف عند المغنم

وإذا كان قد عمي على البعض عما يحاك لتاريخنا من مكيدة ؛ فانهملوا عن جهالة وغرة لأعدائنا وأعدائهم واضطجعوا لهم بالوتين ، رقابهم تحت ظلال رماح أعدائهم وعقولهم بخفة تظن فيهم ظن الخير وفينا ظن السوء ، فإنهم الان يشهدون على قصر نظرهم ويعلموا ما اقترفت ايديهم في حق أنفسهم ، ويعلموا أن رأي الحكمة عندنا نصح فلم يستبينوا النصح حتى ضحى الغد.

إن يومنا الوطني هذا  أتانا ونحن في محفل الإيمان بالله ، فقد أنار الله لقياداتنا ما أكمه عنه غيرنا ، فكان نورا على نور ، يهدي الله لنوره من يشاء.

وها هي المملكة تقود أمة الضاد في حرب كتبت عليها ؛ في كل الجبهات حفاظا على إرث ظن أعداؤنا أنه لقيطة يسهل اختلاسها ، فخاب ظنهم وانقلب عليهم حسرات.

لقد كتب هنتجتون عن صراع الحضارات وهو لم يأت -في الواقع- بجديد ؛ لكنه نبه الشعوب إلى حقيقة تاريخية تعامت عنها ؛ وهي أن تاريخ الانسانية لم يكتب برحيق الزهور ، ولا بالنوايا الحسنة بقدر ما بني على أطماع تمد فيها كل حضارة عينيها إلى ما متع الله به غيرها ؛ فتصول غيلة وبغيا وعدوانا فتقهر ما شاء لها القهر وتبطش ما شاء الله لها البطش ، وتمحق ما شاء الله لها المحق  ثم تدور عليها الدائرة ؛ والأيام دول ؛ فتخضع بعد أن أخضعت ؛ وتمحق بعد أن محقت ، فإذا هي أثر بعد عين.

وما يؤسف له دون أن تكون أنفسنا باخعة عليه أن البعض لم يقرأوا التاريخ جيدا ، ولم يعظهم منه ما يعظ كل حكيم فانظروا مع من تحالفوا ، حلفا واهنا ، بئيسا ، والمصائب يجمعن المصابين. لكن المصاب الجلل لمن آوى الحية في ردائه ، ظنا منه أنها تحفظ له ودا .

وهل يحفظ لك الود كاظم للعداوة والبغضاء ، بيمناه غصن زيتون وبيسراه نصل سكين يقول بفاهه ما ليس في قلبه؟ لا ورب الكعبة ، ولكن هؤلاء القوم لا يعقلون.

استيقظ مارد المملكة وهو لم يغفو قلبه فإذا بيقظته فقط ترتعد فرائص الأعداء ، وهم يعلمون وقد علمهم التاريخ ما يعلمونه ، أن غضبة الحليم لها حذر .

وقد ذاقوا منا من قبل ما لا تنساه ذاكرة اللسان ، حضارة وعلما ودينا وقيما أخلاقية وفتوحات ، سادت فيها العروبة فخضعت لها جباه الأباطرة ، واهطعت لها وجوه الأعداء ترهقها ذلة ؛ وليس ذلك ببعيد.

وها هم اليوم قد مالوا الى البغي والعدوان ؛ فملنا عليهم ميلة خفيفة ، فإذا بهم يستصرخون ، وإن جنحوا من بعد هذا الى السلم جنحنا له وتوكلنا على الله والله لا يحب المعتدين.

لا إيران ولا اخوان بني عثمان، ولا أوهن من ذلك ولا أقسى ، بقادرين على اجتثاث حضارتنا وإرثنا الذي يعلمونه كما يعلمون آباءهم.

فآن ظنوا غير ذلك وتوهمت خيالاتهم خلافه واجتمعوا على أمرهم وأجمعوا فلن يزدادوا الا رهقا على رهق ، وغيظا يأكل قلوبهم دون أن يجد له منفذا من صدورهم المحتقنة بالألم.

فنحن أهل الفرقان توسطنا بيت الله الحرام ولغتنا تباركت بالكتاب فهي محفوظة أبد الدهر بما حفظ الله وبما يتلى من كتابه آناء الليل وأطراف النهار في مشارق الأرض ومغاربها أفلا يفقهون؟

فما لإيران وأخوان بني عثمان لم يملكوا مسكة من عقل سليم ؛ فيلقوا الى التاريخ نظرة فيكن لهم في الحاضر عبرة  فإذا بهذا يحن لممالك الكسرويين وذاك يسعى لإحياء جثث العثمانيين ، وقد صارت هباء منثورا. فأي غفلة هم فيها.

إننا نقف وراء قيادتنا طاعة وأمامها فداءا فإن خاضت بنا المحيط خضناه وإنا إن شاء الله من الصابرين. 
عواصف الحزم لن تقف عند الجنوب فهي تمتد متنوعة الى رؤية المستقبل علما وعملا أنظمة ومنظومات صناعة وزراعة عدلا وانصافا ولا عدوان إلا على الظالمين.

استاذ القانون المشارك بجامعة الطائف

بين مصطلحي «قانون» و «نظام» أيهما أوفق؟


بين مصطلحي «قانون» و «نظام» أيهما أوفق؟

د.فهد بن نايف الطريسي
استاذ القانون المشارك بجامعة الطائف
بمناسبة اليوم العالمي للقانون يثور سؤال، ايهما اوفق مصطلح (القانون) ام مصطلح (النظام)؟ في اللغة الانجليزية هناك عدة مصطلحات متقاربة جدا تعبر عن عملية التنظيم السلطوي لعلاقات المجتمع  فهناك مثلا statute وهو مصطلح مخصص للتمييز بين القانون المكتوب والقانون العام غير المكتوب او ما يسمى بال common law  ولكن هذا ليس كل شيء.

فهناك أيضا مصطح law وهو الذي يعني القانون كمنظومة قد تشمل القانون الصادر عن السلطة التشريعية act والذي ينظم مسألة معينة أو اللوائح regulations التي تصدر بتفويض عن السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية او العرف .. الخ.

و act أي القانون الذي لا يصدر الا عن السلطة التشريعية فقط. ومسألة التمييز بين هذه المصطلحات ليست يسيرة كما يبدو من أول وهلة فهناك مثلا rules أو القواعد وهناك المراسيم ordinances وغالبا ما يتم استخدام كل تلك المصطلحات على نحو مترادف دون اهتمام بالتمييز المنضبط بينها ، هذا طبعا فيما يتعلق بالفقه أو المؤلفات التاريخية، ولكن التشريعات نفسها قد تخضع لتسميات مختلفة.

لدينا هنا أيضا جدل قد يبدو لأول وهلة ذا أساس شرعي ما بين استخدام كلمة قانون ونظام ، في الواقع كلمة قانون أيضا هي كلمة تستخدم على نحو تخصيصي فكلمة قانون قد تشمل قانون الطبيعة كقانون الفيزياء والكيمياء وخلافه ، ولكن نحن نخصصها بحسب سياقاتنا تجاه القانون الذي ينظم السلوك الانساني وعلاقات اعضاء الدولة (حكاما ومحكومين).

وقد ساد مصطلح قانون في جميع الدول العربية ؛ وبالتالي نال ذاتيته في مواجهة مصطلحات شديدة العمومية كمصطلح (نظام) ؛ فهذا الأخير يستخدم غالبا على نحو سياسي فيقال نظام حاكم مثلا ، او قد يستخدم بمعنى ترتيب وتراتبية بين وحدات مكونة لجسد واحد (منظومة).

وهكذا يمكن ان تترجم كلمة نظام الى عدة مفردات باللغة الانجليزية مثل system أو arrangment أو order أو regulation لكن ما يجعل من كلمة نظام شديدة الاضطراب هو عندما يتم استخدامها كمفردة بديلة للقانون وذلك ما نراه في الأبحاث العلمية خاصة المقارنة بل ونراه حتى عند ترجمة القوانين السعودية الى اللغات الأخرى.

فعلى سبيل المثال لم تستطع شعبة الترجمة في هيئة الخبراء في مجلس الوزراء سوى ترجمة هذه الأنظمة بكلمة law أي قانون دون أدنى تردد .

وهكذا سنجد أن كافة وزارات الدولة عندما تتعامل مع المجتمع الدولي سوف تستخدم كلمة قانون وليس كلمة نظام  لن تستطيع وزارة الخارجية مثلا أن تستخدم كلمة نظام للحديث عن القانون الدولي العام ؛ فكلمة نظام دولي تختلف اختلافا تاما عن كلمة قانون دولي ؛ حيث تعبر الأولى عن فحوى سياسي محض لأشخاص المجتمع الدولي وتفاعلاتهم المختلفة.

في حين يكون استخدام القانون الدولي منحصرا في القواعد التي تنظم هذه التفاعلات والعلاقات الدولية سواء مستمدة من اتفاقيات أو معاهدات ثنائية أو جماعية أو حتى من العرف الدولي. هذا الارتباك الذي تحدثه كلمة (نظام) ، لا يوجد له أي مبرر .

فكلمة قانون ليست نشازا عن اللغة العربية فالفقيه العلامة الكبير محمد ابن جزي الغرناطي الذي عاش في نهاية القرن السابع عشر ألف موسوعة القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية ، وقد استمدت كلمة قانون من اللغة اليونانية والتي تستخدم كلمة kanon والتي تعني العصى المستقيمة.

ثم تحورت باستخدام الامبراطورية المسيحية لها تعبيرا عن القانون الكنسي canon law ؛ فهي إذن ليست كلمة مسيحية كما يظنها البعض بل مصدرها يوناني صرف ومن اليونانية استمدت الحضارة العربية الإسلامية الكثير من مصطلحاتها كالفلسفة على سبيل المثال والاسطرلاب الذي قام العرب بتطويره عن فكرته اليونانية القديمة ؛ فالحضارات تتكامل ولا تتنافر.

واللغة القرآنية لم تخلو من كلمات غير عربية وهذا معلوم للكافة. فما السبب إذن في حظر استخدام كلمة قانون ما دامت هذه الكلمة أكثر تبيانا لوجه موضوعها وأكثر قدرة على تمييز العلم الخاص بها عن سائر العلوم؟

أعتقد أننا سواء شئنا أم أبينا فلن نستطع سوى استخدام مصطلح القانون ليس فقط منعا للارباك الكبير الذي يحدثه مصطلح نظام وإنما أيضا لأننا سنضطر الآن أو مستقبلا الى استخدامه كما فعلنا عند ترجمة هذا المصطلح الى اللغات الأجنبية الأخرى.

استاذ القانون المشارك بجامعة الطائف

نطاق تجريم التأييد والتعاطف مع الجماعات الإرهابية

نطاق تجريم التأييد والتعاطف مع الجماعات الإرهابية د.فهد بن نائف الطريسي أستاذ القانون المشارك بجامعة الطائف ...