السبت، 15 يوليو 2017

مبدأ المشروعية الجنائية

مبدأ المشروعية الجنائية

يطلق الفقه الأنجلو أمريكي  مسمى قانون الكلب على تلك العقوبات التي توقع دون وجود قانون يجرمها مسبقا ؛ وسبب تسمية هذا النوع هو أن صاحب الكلب لا يحدد لكلبه ما عليه القيام أو الامتناع عنه مسبقا بل ينتظره حتى إذا قام الكلب بسلوك لا يعجب صاحبه عاقبه هذا الأخير فيدرك الكلب حينئذ بأن سلوكه كان خاطئ.

لذلك النظام الأساسي للحكم في المملكة-وهو بمثابة الدستور- قد أخذ بالاتجاه الحديث في القانون الجنائي وهو الالتزام بمبدأ المشروعية فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص نظامي. ومبدأ المشروعية (والذي يميز البعض بينه ومبدأ الشرعية) هو نتاج لحراك طويل للعلاقة بين دور الدولة والفرد . ويعني المبدأ -إجمالا- بأنه لا يمكن تجريم سلوك ومن ثم المعاقبة عليه إلا إذا حصل الفرد على علم مفترض مسبق بأنه مجرم. فلا يمكن لشخص أن تتم مفاجأته بالقبض عليه بسبب تدخينه للسجائر في حين أنه لم يصدر قانون يجعل من التدخين جريمة. لأن القاعدة القانونية قاعدة سلوك  غايتها الأساسية هي وضع الأشخاص في الطريق الذي تراه الدولة صوابا. وعليه فيجب أولا أن يعلم الشخص بأن سلوكا معينا سيكون مخالفا لما تراه الدولة خطأ.

إذن؛ وكون مبدأ المشروعية من كرامة الإنسان فله أصل في القران أيضا ومن قبيل ذلك قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (الإسراء-15). ما يهمنا هنا هو بأن النظام الأساسي للحكم قد أخذ بمبدأ المشروعية الذي يكرم الإنسان. ولكن الغريب أنه وحتى هذه اللحظة لا يوجد تطبيق للمبدأ على أرض الواقع . فحتى الآن لا يوجد قانون جنائي لدينا وإنما هناك نتف من القوانين؛ فلماذا لم يصدر إلى الآن قانون جنائي يحدد ما يعد جريمة والعقوبة المخصوصة بها؟!. حتى الآن يظل وضع التجريم والعقاب مخالفا للدستور أي للنظام الأساسي للحكم. وهذا أمر جد خطير ذلك أن أي حكم يصدر بغير نص سيكون مشوبا بعدم الدستورية، فنحن أمام أحد خيارين إما أن نلغي المبدأ من النظام الأساسي أو نصدر نظاما يقنن للعقوبات. وفوائد إصدار نظام كثيرة فعلى الأقل سيتم تحديد بعض القواعد المهمة داخل القسم العام من القانون الجنائي وهي من الأشياء المفقودة ولا تدرس للطلبة إلا من خلال قوانين وفلسفات الدول الأخرى . لذلك أرى ضرورة قيام مؤتمر بخصوص إصدار نظام جنائي؛ وأن يشارك فيه أهل الاختصاص من أساتذة القانون الجنائي في جامعات المملكة حتى يتم وضع توصيات تكون لبنة لتصحيح وضع القانون الجنائي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نطاق تجريم التأييد والتعاطف مع الجماعات الإرهابية

نطاق تجريم التأييد والتعاطف مع الجماعات الإرهابية د.فهد بن نائف الطريسي أستاذ القانون المشارك بجامعة الطائف ...