الإرهاب
ونظرية السلم في الإسلام
د.فهد
بن نايف الطريسي
أستاذ
القانون المشارك بجامعة الطائف
ليس بجديد القول أن
ظاهرة الإرهاب هي ظاهرة عالمية تكاد تكون موجودة في كل المجتمعات، وإن كانت موجودة
بنسب متفاوتة تختلف من مجتمع لآخر، كما أنها ليست ظاهرة حديثة، بل هي موجودة في كل
المجتمعات منذ وجدت فكرة الدولة.
والإرهاب كما عرفه
"المجمع الفقهي الإسلامي" بأنه : "العدوان الذي يمارسه أفراد، أو
جماعات، أو دول، بغياً على الإنسان (دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه(
ولا يميز هذا
التعريف بين الإرهاب وغيره من أنواع العدوان كجريمة القتل والحرب وخلافه.
أن الإرهاب
"Terrorism" وسيلة من الوسائل العنيفة الفعّالة -في بعض الأحيان-
التي يلجأ إليها الأفراد والجماعات لتحقيق غايات سياسية وهو ما يميز جريمة الإرهاب
عن غيرها من الجرائم المنظمة،-رغم الاختلاف القانوني حول طبيعة الغايات- فهم يرون
أن الإرهاب هو الوسيلة الأجدى والأنفع والأسرع لتحقيق أهدافهم الدنيئة.
ولم ينج الإسلام من
تلك الأهداف الوضيعة، ولعل ذلك يتضح من خلال ما لحق بالإسلام من تشويه وإساءة
بالغة، اتضحت أثار هذه الإساءة بالصورة المشوهة لدى الأخر عن الإسلام وكذلك تأثير
ذلك على الشباب من أبناء الاسلام.
وإذا بحثنا عن
الأسباب والعوامل التي جعلتهم ينظرون لنا هذه النظرة المفترى فيها، سنجد أن بعضها
عوامل خارجية، والأخرى عوامل داخلية، هذه العوامل مجتمعة هي التي عملت على إرساء
وتدعيم تلك الصورة المتداولة عن الإسلام والمسلمين.
ولعل من أبرز العوامل
الداخلية هي الممارسات الخاطئة لجماعات مسلمة - أو على الأقل تدعي الإسلام- نهجت
طريق العنف سبيلاً، وسلكت طريق العنف المسلح طريقاً بذريعة أنه إعلان للجهاد، في
الوقت الذي أسقطت فيه ركيزة من ركائز المجتمع الإسلامي الا وهي قيمة الولاية في
نظام الحكم الإسلامي واحترام فكرة الدولة في الاسلام في نهج طريق السلام، ومعايشة
الآخر والالتقاء معه في دائرة المتفق عليه لإرساء ثقافة السلام ورسالة الاسلام
للعالم.
وأما العوامل
الخارجية فقد تبنته قلة قليلة من المسلمين أنفسهم، وكذلك أيضا تأثير صراع المصالح الإقليمية
والدولية التي أرادت تشويه صورة الإسلام، فعملت بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات على
ترسيخ هذه الصورة في الأذهان، وقد وصل الأمر إلى حد وصف الإسلام بأنه دين إرهاب
يعلن الحرب على العالم، ويسعى للنيل من التقدم الحضاري والاستقرار الدولي والخروج
على أنظمة حقوق الإنسان والعدل الدولي بإدارة التوحش والحكم الاستبدادي.
واذا كانت هذه هي
الصورة المتداولة عن الإسلام فإن الإسلام منهم براء، فالإسلام هو دين السلام
المبني على العزة والقوة ، رسمه الله عز وجل من أجل سعادة البشرية ليسود العدل
بينهم، ويعيش الجميع إخواناً متحابين لا يظلم القوي الضعيف وأن يواسي الغني
الفقير، ولقد جعل الإسلام السلم أساساً ومعلماً رئيسياً في العلاقات بين المسلمين
وغيرهم ليدخل الناس في السلم كافة.
وبناء على ما سبق
فان من محاربة الإرهاب تشذيب كل ما علق بالإسلام من فكر متشدد وغلو ديني وهذا ليس
بجديد على الحكم السعودي من الناحية التاريخية وكذلك جهود الدولة السعودية سواء
الدولة الأولى او الثانية وهي من قد صحح كل ما لحق بالإسلام من خرافات وتجاوزات
التشدد الديني وأخيرا ما تبذله الدولة السعودية الحديثة من جهود مواجهة للفكر الإرهابي
في زمن العولمة وقد أثبتت وزارة الداخلية فعالية المواجهة وقوة الردع إلا ان هذا
الدور الفاعل والحضور الطاغي في مشهد معركة الإرهاب جعل الكثير من الوزارات تتراخى
عن أداء دورها المنوط بها محملة وزارة الداخلية عبء المواجهة وعبء دراسة الأسباب
والمسببات. لذلك لابد من تضافر الجهود في جميع مؤسسات الدولة لتحقيق إستراتيجية
اجتثاث هذا الفكر الضال والعودة إلى الفكر الإسلامي ورسالته الخالدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق